responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 265
أَقْطَاعًا وَفَرَّقَهُ أَجْزَاءً عَلَى مَعْنَى جَعَلَهُ أَقْطَاعًا وأجزاء فكذا هاهنا قَوْلُهُ: نَقَضَتْ غَزْلَهَا أَنْكَاثًا أَيْ جَعَلَتْ غَزْلَهَا أَنْكَاثًا الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ: أَنْكاثاً حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ.
المسألة الْخَامِسَةُ: قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هَذِهِ الْآيَةُ مُتَّصِلَةٌ بِمَا قَبْلَهَا، وَالتَّقْدِيرُ: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا، فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ كُنْتُمْ مِثْلَ الْمَرْأَةِ الَّتِي غَزَلَتْ غَزْلًا وَأَحْكَمَتْهُ فَلَمَّا اسْتَحْكَمَ نَقَضَتْهُ فَجَعَلَتْهُ أَنْكَاثًا.
ثم قال تَعَالَى: تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: الدَّخَلُ وَالدَّغَلُ الْغِشُّ وَالْخِيَانَةُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَا دَخَلَهُ عَيْبٌ قِيلَ هُوَ مَدْخُولٌ وَفِيهِ دَخَلٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الدَّخَلُ مَا أُدْخِلَ فِي الشَّيْءِ عَلَى فَسَادٍ.
ثم قال: أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ أَرْبَى أَيْ أَكْثَرُ مِنْ رَبَا الشَّيْءُ يَرْبُو إِذَا زَادَ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ قَدْ تَكُونُ فِي الْعَدَدِ وَفِي الْقُوَّةِ وَفِي الشَّرَفِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانُوا يُحَالِفُونَ الْحُلَفَاءَ ثُمَّ يَجِدُونَ مَنْ كَانَ أَعَزَّ مِنْهُمْ وَأَشْرَفَ فَيَنْقُضُونَ حِلْفَ الْأَوَّلِينَ وَيُحَالِفُونَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ أَعَزُّ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّكُمْ تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ بِسَبَبِ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ فِي الْعَدَدِ وَالْقُوَّةِ وَالشَّرَفِ.
فَقَوْلُهُ: تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ اسْتِفْهَامٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ، وَالْمَعْنَى: أَتَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ بِسَبَبِ أَنَّ أُمَّةً أَزْيَدُ فِي الْقُوَّةِ وَالْكَثْرَةِ مِنْ أُمَّةٍ أُخْرَى.
ثم قال تَعَالَى: إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ أَيْ بِمَا يَأْمُرُكُمْ وَيَنْهَاكُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ: وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فَيَتَمَيَّزُ الْمُحِقُّ مِنَ الْمُبْطِلِ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ دَرَجَاتِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[سورة النحل (16) : آية 93]
وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا كَلَّفَ الْقَوْمَ بِالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَتَحْرِيمِ نَقْضِهِ، أَتْبَعَهُ بِبَيَانِ أَنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَجْمَعَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَفَاءِ وَعَلَى سَائِرِ أَبْوَابِ الْإِيمَانِ، وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ بِحُكْمِ الْإِلَهِيَّةِ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ. أَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ: فَإِنَّهُمْ حَمَلُوا ذَلِكَ عَلَى الْإِلْجَاءِ، أَيْ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُلْجِئَهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ أَوْ إِلَى الْكُفْرِ لَقَدَرَ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ التَّكْلِيفَ، فَلَا جَرَمَ مَا أَلْجَأَهُمْ إِلَيْهِ وَفَوَّضَ الْأَمْرَ إِلَى اخْتِيَارِهِمْ فِي هَذِهِ التَّكَالِيفِ، وَأَمَّا قَوْلُ أَصْحَابِنَا فِيهِ فَهُوَ ظَاهِرٌ، وَهَذِهِ الْمُنَاظَرَةُ قَدْ تَكَرَّرَتْ مرارا كثيرة،
وروى الواحدي أن عزيزا قَالَ: يَا رَبِّ خَلَقْتَ الْخَلْقَ فَتُضِلُّ مَنْ تشاء وتهدي من تشاء، فقال: يا عزير أَعْرِضْ عَنْ هَذَا، فَأَعَادَهُ ثَانِيًا. فَقَالَ: أَعْرِضْ عَنْ هَذَا، فَأَعَادَهُ ثَالِثًا، فَقَالَ: أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَإِلَّا مَحَوْتُ اسْمَكَ مِنَ النُّبُوَّةِ.
قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الْمَشِيئَةِ مَشِيئَةُ الْإِلْجَاءِ، أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ بعده: وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَلَوْ كَانَتْ أَعْمَالُ الْعِبَادِ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لَكَانَ سُؤَالُهُمْ عَنْهَا عَبَثًا، وَالْجَوَابُ عَنْهُ قَدْ سَبَقَ مِرَارًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[سورة النحل (16) : الآيات 94 الى 97]
وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (94) وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (95) مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (96) مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (97)

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 265
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست